وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (?): عن يحيى بن سعيد، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم مثله.

ص: فإن احتج أهل المقالة الثانية لمذهبهم، فقالوا: معنا الآثار المتصلة شاهدة لقولنا، وليس ذلك مع مخالفنا، قيل لهم: أما على مذهبكم فأكثرها لا تجب لكم به حجة على مخالفكم؛ لأنه لو احتج عليكم بمثل ذلك لم تسوغوه إياه، ولجعلتموه باحتجاجه بذلك عليكم جاهلًا بالحديث، فمن ذلك أن حديث ثمامة بن عبد الله إنما وصله عبد الله بن المثنى وحده، لا نعلم أحدًا وصله غيره، وأنتم لا تجعلون عبد الله بن المثنى حجة، ثم قد جاء حماد بن سلمة وقدره عند أهل العلم أجل من قدر عبد الله بن المثنى وهو ممن يحتج به فروى هذا الحديث عن ثمامة منقطعًا، فكان يجيء على أصولكم أن يكون هذا الحديث يجب أن يدخل في معنى المنقطع ويخرج من معنى المتصل، لأنكم تذهبون إلى أن زيادة غير الحافظ على الحافظ غير ملتفت إليها.

وأما حديث الزهري عن أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم فإنما رواه عن الزهري سليمان بن داود وقد سمعت أن أبي يقول: سليمان بن داود هذا وسليمان بن داود الحراني عندهم ضعيفان جميعا، وسليمان بن داود الذي يروي عن عمر بن عبد العزيز عندي ثبت، ومما يدل على وهاء هذا الحديث: أن أصحاب الزهري المأخوذ علمًا عنهم مثل يونس وممن روى عن الزهري في ذلك شيئًا إنما روى عنه الصحيفة التي عند آل عمر - رضي الله عنه - أفترى الزهري يكون عنده فرائض الإبل عن أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده وهم جميعًا أئمة علم مأخوذ عنهم، فيسكت عن ذلك ويضطره إلى الرجوع إلى صحيفة غير مروية فيحدث الناس بها، هذا عندنا مما لا يجوز على مثله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015