ش: أهل المقالة الثانية هم: الشافعي، وأحمد، وإسحاق، فإنهم قالوا: نحن استدللنا فيما ذهبنا إليه بالأحاديث المتصلة، وأنتم معكم آثار منقطعة، فأجاب عنه الطحاوي بقوله: "قيل لهم. . . . إلى آخره"، وهو ظاهر.
قال البيهقي معترضا عليه في كتابه "المعرفة": هذا حديث صحيح موصول؛ إلا أن بعض الرواة قصر به فرواه كذلك -يعني مسندًا- أبي داود، ثم إن بعض من يدعي معرفة الآثار يعلق عليه، وقال: هذا منقطع، وأنتم لا تثبتون المنقطع، وإنما وصله عبد الله بن المثنى، عن ثمامة، عن أنس، وأنتم لا تجعلون ابن المثنى حجة، ولم يعلم أن يونس بن محمَّد المؤدب قد رواه عن حماد بن سلمة، عن ثمامة، عن أنس بن مالك، وقد أخرجناه في كتاب "السنن" وكذلك سريج بن النعمان، عن حماد بن سلمة به، ورواه إسحاق بن راهويه وهو إمام عن النضر بن شميل وهو أتقن أصحاب حماد، قال: ولا نعلم أحدًا استقصى في انتقاد الرواة واستقصاء محمد بن إسماعيل البخاري مع إمامته في معرفة علل الأحاديث وأسانيدها وهو قد اعتمد على حديث ابن المثنى وأخرجه في "صحيحه" وذلك لكثرة الشواهد له بالصحة.
قلت: فيا للعجب من البيهقي حيث جعل العمدة في كلامه على حماد بن سلمة وقال في "سننه" في باب "من صلى وفي ثوبه أو نعله أذى" (?): حماد بن سلمة، عن أبي نعامة السعدي، عن أبي نضرة، كل منهم مختلف في عدالته، وأما عبد الله بن المثنى فقد قال الساجي فيه: ضعيف منكر الحديث. وقال أبو داود: لا أخرج حديثه. وقال ابن الجوزي في كتابه "الضعفاء": أبو سلمة كان ضعيفًا في الحديث.
ثم البيهقي كيف يقول: وروينا الحديث من حديث ثمامة بن عبد الله بن أنس، عن أنس من أوجه صحيحة، وقد قال الدارقطني في كتاب "التتبع على