فكان قول رسول الله -عليه السلام-: "الجار أحق بسقبه" جوابًا لسؤال الشريد إياه عن أرض منفردة لا حَقَّ لأحدٍ فيها ولا طريق، فدل ما ذكرنا أن الجار الملازق تجب له الشفعة بحق جواره.
فقد ثبت بما روينا من الآثار في هذا الباب وجوب الشفعة بكل واحد مِن معان ثلاثة: بالشرك في المبيع، بيع منه ما بيع، وبالشرك في الطريق إليه، وبالمجاورة له، فليس ينبغي ترك شيء منها، ولا حمل بعضها على التضاد لبعض إذ كانت قد خرجت على الاتفاق من الوجوه التي ذكرنا، على ما شرحنا وبيَّنَّا في هذا الباب.
ش: ذكر هذا تأييدًا لما ذكره من أن الجار الذي ذُكر في الحديث هو الجار المعهود الذي تعرفه العامة.
أخرجه بإسناد صحيح: عن فهد بن سليمان، عن أبي بكر عبد الله بن أبي شيبة، عن أبي أسامة حماد بن أسامة بن زيد القرشي الكوفي، عن حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن عمرو بن الشريد، عن أبيه الشريد بن سويد الثقفي الصحابي - رضي الله عنه -.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (?) وابن جرير الطبري في "تهذيبه" ولفظه: "ليس فيها لأحد شِرب ولا قسم إلا الجوار".
وقال ابن جرير: ورواه عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب، عن الشريد بن سويد -من حضرموت- أنه -عليه السلام- قال: "الجار والشريك أحق بالشفعة ما كان يأخذها أو يترك".
فظاهر عطف الشريك على الجار يقتضي أن الجار غير الشريك، وهذا مما يُبطل تأويل الشافعي أن المراد من الجار الشريك.