قوله: "بالشرك في المبيع" أي بالنصيب في نفس المبيع، وهو أن يكون شريكه في رقبة المبيع.

قوله: "وبالشرك في الطريق إليه" أراد به أن يكون شريكًا في حق المبيع مثل الطريق والشرب.

ص: فإن قال قائل: فقد جعلت هؤلاء الثلاثة شفعاء بالأسباب التي ذكرت، فلم أوجبت الشفعة لبعضهم دون بعض إذا حضروا وطالبوا بها وقدمت بعضهم فيها على حق بعض ولم تجعلها لهم جميعًا إذ كانوا كلهم شفعاء؟.

قيل له: لأن الشريك في الشيء المبيع خليط فيه وفي الطريق إليه، فمعه من الحق في الطريق مثل الذي مع الشريك في الطريق، ومعه اختلاط ملكه بالشيء المبيع، وليس ذلك مع الشريك في الطريق، فهو أولى منه ومن الجار الملازق، ومع الشريك في الطريق، شركه في الطريق وملازقة للشيء المبيع فمعه من أسباب الشفعة مثل الذي مع الجار الملازق، ومعه أيضًا ما ليس مع الجار الملازق من اختلاط حق ملكه في الطريق بملكه فيه، فلذلك كان -عندنا- أولى بالشفعة منه.

وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد -رحمهم الله-.

ش: حاصل السؤال: أن الشفعاء لما كانوا ثلاثة، وهم: الشريك في نفس المبيع، والشريك في حق المبيع، والجار الملازق كان ينبغي أن يتساووا في الشفعة، ولا يقُدَّم بعضهم على بعض إذ العلة في الكل واحدة.

وحاصل الجواب: أن الشريك في نفس المبيع، له من الحق ما للشريك في حق المبيع وزيادة، فيقدم على الشريك في حق المبيع، وأن الشريك في حق المبيع له من الحق ما ليس للجار الملازق، فيقدم عليه.

ص: وقد روي ذلك عن شريح:

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا محمد بن كثير، قال: أنا سفيان، عن هشام، عن محمد، عن شريح، وأشعث -أظنه عن الشعبي عن شريح- قال: "الخليط أحق من الشفيع، والشفيع أحق ممن سواه".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015