وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (?).

وهذا دليل على ثبوت الشفعة قبل صرف الطرق وإن حُدَّت الحدود، فحينئذ يكون هذا الحديث موافقًا لحديث عبد الملك، عن عطاء، وفيه زيادة على ما رواه مالك، فيكون هو أولى منه.

فإن قيل: قال ابن حزم (?): هذا لا حجة لهم فيه؛ لأنه ليس في هذا اللفظ نص ولا دليل على أن ذلك لا يكون إلا في الأرض والعقار والبناء؛ بل الحدود واقعة في كل ما يقسم من طعام وحيوان وثياب وعروض، وإلى كل ذلك طريق ضرورة، كما هو إلى البناء وإلى الحائط ولا فرق.

قلت: هذا كلام مخبط؛ لأن أحدًا لم يقل: إن الطعام له حدود أو الحيوان له حدود، أو الثوب له حدود، وكيف وقد روى أبو حنيفة، عن عطاء، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا شفعة إلا في دار أو عقار".

أخرجه البيهقي (?): من حديث أبي أسامة الحلبي، عن الضحاك بن حجوة المنبجي، عن عبد الله بن واقد، عن أبي حنيفة به.

ص: وقد يحتمل أيضًا حديث مالك أن يكون عَنِي بوقوع الحدود التي نفيت بوقوعها الشفعة في الدور والطرق، فيكون المبيع لا شرك لأحد فيه ولا في طريقه، فيكون معنى هذا الحديث مثل معنى حديث معمر، وهو أولى ما حمل عليه حتى لا يتضاد هو وحديث معمر، وقد روى ابن جريج، عن الزهري ما يوافق ما روى معمر:

حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا يعقوب بن حميد، قال: ثنا ابن أبي رَوّاد، عن ابن جريج، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، أن النبي -عليه السلام- قال: "إذا حُدَّت الطرق فلا شفعة".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015