أبا هريرة إنما أخبر في ذلك عن رسول الله -عليه السلام- بما عليه من قضائه، ثم نفى الشفعة برأيه ما لم يعلم من رسول الله -عليه السلام- فيه حكمًا، وعلمه غيره.
ش: أي فكان من الدليل والبرهان على أهل المقالة الأولى، وأراد بها الجواب عما قالوه، بيانه أن يقال: إن هذا الحديث لا تقوم به حجة علينا؛ لأنه في الأصل منقطع، لأن الحفاظ الأثبات رووه عن مالك لم يرفعوه إلى أبي هريرة، وقال أبو عمر: هكذا روى هذا الحديث عن مالك أكثر الرواة للموطأ وغيره مرسلًا، إلا عبد الملك بن عبد العزيز بن الماجشون، وأبا عاصم النبيل، ويحيى بن إبراهيم بن داود بن أبي قتيلة المدني، وأبا يوسف القاضي؛ فإنهم رووه عن مالك بهذا الإسناد متصلًا عن أبي هريرة مسندًا.
وأخرج الطحاوي ذلك من طريقين:
الأول: عن إبراهيم بن مرزوق، عن أبي عامر عبد الملك بن عمرو العقدي، وعبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي، كلاهما عن مالك.
وأخرجه النسائي (?): عن الحارث، عن أبي القاسم، عن مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد وأبي سلمة، عن النبي -عليه السلام-.
الثاني: عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب، عن مالك.
وأخرجه ابن ماجه (?): عن محمَّد بن حماد الظهراني، عن أبي عاصم، عن مالك، عن الزهري، عن سعيد، عن النبي -عليه السلام-.
قوله: "ثم لو ثبت هذا الحديث. . . ." إلى آخره جواب آخر بطريق التسليم، بيانه أن يقال: سلمنا أن هذا الحديث متصل، ولكن لا نسلم أن يكون فيه خلاف لحديث جابر بن عبد الله الذي رواه عنه عطاء بن أبي رباح، وقد أوضح ذلك بقوله: "لأن الذي في هذا الحديث. . . ." إلى آخره، وهو ظاهر.