وأخرجه النسائي (?): عن سليمان بن داود، عن عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون، عن مالك، عن الزهري، عن ابن المسيب وأبي سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي هريرة، عن النبي -عليه السلام-: "إذا قسمت الأرض وحددت فلا شفعة فيها".
ص: فكان من الحجة عليهم أن الحديث على أصل المحتج به علينا لا تجب به حجة؛ لأن الأثبات من أصحاب مالك إنما رووه عن مالك منقطعًا، لم يرفعوه إلى أبي هريرة.
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر والقعنبي، قالا: ثنا مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب قال: "قضى رسول الله -عليه السلام- بالشفعة فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة".
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: ثنا مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب وأبي سلمة، مثله.
فصار هذا الحديث منقطعًا، والمنقطع لا تقوم به حجة، ثم لو ثبت هذا الحديث واتصل إسناده لم يكن فيه عندنا ما يخالف الحديث الذي ذكرناه عن عطاء عن جابر؛ لأن الذي في هذا الحديث إنما هو قول أبي هريرة: "قضى رسول الله -عليه السلام- بالشفعة فيما لم يُقسم" فكان بذلك مخبرًا عما قضى به رسول الله -عليه السلام- بالشفعة، ثم قال بعد ذلك: "فإذا وقعت الحدود فلا شفعة، وكان ذلك قولًا من رأيه لم يحكه عن رسول الله -عليه السلام-.
وإنما يكون هذا الحديث حجة على من ذهب إلى وجوب الشفعة بالجوار لو كان أن رسول الله -عليه السلام- قال: الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود فلا شفعة، فيكون ذلك نفيًا من رسول الله -عليه السلام- لما قد قُسم أن يكون فيه الشفعة، ولكن