قلت: ذكر ما فيه "الكمال" عن ابن معين أنه قال: لم يحدث عنه إلا عبد الملك، وقد أنكر عليه الناس، ولكن عبد الملك ثقة صدوق لا يرد على مثله، وذكر أيضًا عن الثوري وابن حنبل، قالا: هو من الحفاظ. وكان الثوري يسميه الميزان, وعن أحمد بن عبد الله: ثقة ثبت.
وأخرج له مسلم في "صحيحه"، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: روى عنه الثوري وشعبة وأهل العراق، وكان من خيار أهل الكوفة وحفاظهم، والغالب على مَن يحدث من حفظه أن يهم، وليس من الإنصاف ترك حديث شيخٍ ثبتٍ بأوهام من يهم في روايته، ولو (سلمنا ذلك لزمنا) (?) ترك حديث الزهري وابن جريج والثوري وشعبة؛ لأنهم لم يكونوا معصومين.
ص: فقال أصحاب المقالة الأولى: فإنه قد روي عن النبي -عليه السلام- ما ينفي ما ادعيتم، فذكروا في ذلك ما حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن مالك، عن الزهري، عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: "قضى رسول الله -عليه السلام- بالشفعة فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة".
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عاصم، عن مالك، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مثله.
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا ابن أبي قُتَيلة المدني، قال: ثنا مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة مثله.
حدثنا سعيد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: ثنا عبد الملك بن عبد العزيز ابن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، قال: ثنا مالك. . . . فذكر بإسناده مثله.
قالوا: فنفي هذا الحديث أن تكون الشفعة تجب إذا حددت الحدود.