قوله: "وهو يجود بنفسه" أي يخرجها ويدفعها، مما يدفع الإنسان ماله يجود به، والجود: الكرم، يريد أنه كان في النزع وسياق الموت.
قوله: "حتى خرجت نفسه" أي روحه، والنفس تطلق على الروح وعلى الدم.
قوله: "عن صوتين أحمقين" أي موضوعين في غير محلهما؛ وذلك لأن الحمق وضع الشيء في غير موضعه مع العلم بقبحه.
قوله: "فاجرين" الفاجر هو المنبعث في المعاصي والمحارم، من فجر يفجر فجورًا، ووصف الصوت بصفة مُصوِّتِه؛ لملابسته إياه.
قوله: "صوت عند نعمة: لهو" أي أحدهما صوت عند نعمة لهو.
قوله: "وصوت عند مصيبة" أي والآخر: صوت عند مصيبة.
قوله: "لطمُ وجوه" برفع اللطم وإضافته إلى الوجوه، وارتفاعه علي أنه بدل من صوت، أو بيان عنه.
قوله: "وهذا رحمة" أشار به إلى البكاء الذي هو إرسال الدمع من غير صوت ونياحة.
قوله: "لولا أنه وعد" أي لولا أن الموت وعدٌ صادق من الله تعالى.
قوله: "لحزنَّا" اللام فيه للتأكيد.
قوله: "لمحزونون" خبر لقوله: "إنا"، واللام فيه للتأكيد.
ص: وأما ما ذكرناه عن عمر وابن عمر - رضي الله عنهما - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الميت
يعذب ببكاء أهله عليه" فقد ذكرنا عن عائشة - رضي الله عنها - إنكار ذلك، وأن رسول الله -عليه السلام- إنما قال: "إن الله -عز وجل- ليزيد الكافر عذابًا في قبره ببعض بكاء أهله عليه" وقد يجوز أن يكون ذلك البكاء -الذي يعذب به ذلك الكافر في قبره يراد به عذابًا علي عذابه- بكاءً قد كان أوصى به في حياته، فإن أهل الجاهلية قد كانوا يوصون بذلك أهليهم أن يفعلوه بعد وفاتهم، فيكون الله -عز وجل- يعذبه في قبره بسبب قد كان سببه في حياته فُعِل بعد موته.