ش: ذكر هذا شاهدًا للجواب المذكور عن السؤال المذكور، وتأييدًا لصحته، وهو أن البكاء على الميت مباح، وحكمه باقٍ ولم ينسخ، ولم ينه عنه، وإنما الذي نهي عنه هو البكاء الذي معه صوت أو لطم أو شق، والبكاء الذي يكون بدون هذه رحمة في القلوب، دل عليه حديث عبد الرحمن بن عوف.

أخرجه بإسناد حسن عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن أحمد بن عبد الله بن يونس التميمي الكوفي -شيخ البخاري ومسلم وأبي داود- عن إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، عن محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الكوفي الفقيه، فيه مقال، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله الأنصاري الصحابي، عن عبد الرحمن بن عوف الصاحبي.

وأخرجه البزار في "مسنده" (?): ثنا الحسن بن عرفة، قال: ثنا النضر بن إسماعيل، قال: نا ابن أبي ليلي، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله، عن عبد الرحمن ابن عوف قال: "أخذ رسول الله -عليه السلام- بيدي فانطلق إلى النخل، فوجد إبراهيم ابن رسول الله -عليه السلام-، فأخذه رسول الله -عليه السلام- فوضعه في حجره، فدمعت عيناه، ثم قال: يا بني إني لا أملك لك من الله شيئًا، فقلت: يا رسول الله تبكي؟! أو لم تنه عن البكاء؟ قال: إنما نهيت عن النوح، عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نغمة -لعب ولهو ومزامير شيطان- وصوت عند مصيبة -خمش وجوه وشق جيوب ورنة شيطان- إنه لا يُرحم من لا يَرحم، لولا أنه أمُرُ حق ووعد صدق وأنها سبيل مأتية لابد منها حتي يلحق آخرنا بأوَّلنا، لحزنَّا حزنًا أشد من هذا -يعني عليه- وإنَّا به لمحزونون، تبكي العين ويحزن القلب ولا نقول ما يُسخط الرب -عز وجل-".

وهذا حديث لا نعلمه يروى عن عبد الرحمن إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، وقد روي عن عبد الرحمن بإسناد آخر بعض هذا الكلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015