وأخرج ابن ماجه (?): عن سويد بن سعيد، نا علي بن مسهر، عن أبي إسحاق الشيباني، قال: "سألت عبد الله بن أبي أوفى عن لحوم الحمر الأهلية، فقال: أصابتنا مجاعة يوم خيبر ونحن مع النبي -عليه السلام- وقد أصاب القوم حمرًا خارجًا من المدينة، فنحرناها وإن قدورنا لتغلي، إذ نادى منادي النبي -عليه السلام-: أن اكفئوا القدور، ولا تطعموا من لحوم الحمر شيئًا، فأكفأناها. فقلت لعبد الله بن أبي [أوفى] (?): حرمها تحريمًا؟ قال: تحدثنا إنما حرمها رسول الله -عليه السلام- البتة من أجل أنها كانت تأكل العذرة".

ص: فكان من الحجة عليهم في ذلك أنه لو لم يكن جاء في هذا إلا الأمر بالإكفاء للقدور؛ لكان ذلك محتملا لما قالوا، ولكنه قد جاء هذا، وجاء النهي في ذلك مطلقًا.

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا شبابة بن سوار، قال: ثنا أبو زَبْر عبد الله بن العلاء، قال: ثنا مسلم بن مشكم كاتب أبي الدرداء، قال: سمعت أبا ثعلبة الخشني: "يقول أتيت النبي -عليه السلام-، فقلت: يا رسول الله، حدثني ما يحل لي مما يحرم عليّ، فقال: لا تأكل الحمار الأهلي، ولا كل ذي ناب من السبع".

فكان كلام النبي -عليه السلام- في هذا الحديث جوابًا لسؤال أبي ثعلبة إياه عما يحل له مما يحرم عليه، فدل ذلك على نهيه عن أكل لحوم الحمر الأهلية، لا لعلة تكون في بعضها دون بعض من أكل العذرة وما أشبهها ولكن لها في أنفسها، وقد جعلها -عليه السلام- في نهيه عنها كذي الناب من السبع، فكما كان ذو الناب منهيَّا عنه لا لعلة، كان ذلك الحمر الأهلية منهيًا عنها لا لعلة.

ش: أي فكان من الدليل والبرهان على هؤلاء الآخرين فيما ذكروا من العلة. . . إلى آخره، وهو ظاهر.

قوله: "وجاء النهي في ذلك مطلقًا" أي وجاء النهي عن النبي -عليه السلام- في أكل لحم الحمر الأهلية مطلقًا يعني من غير قيد بشيء من إكفاء القدور ونحوه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015