ش: أي فكان من الدليل والبرهان على هؤلاء القوم فيما ذكروا، والحاصل: أن هذا جواب عما قالوا، وهو ظاهر.

وقال أبو عمر في هذا الموضع: وفي إذن رسول الله -عليه السلام- في أكل الخيل وإباحته لذلك يوم خيبر دليل على أن نهيه عن أكل لحوم الحمر يومئذ عبادة لغير علة؛ لأنه معلوم أن الخيل أرفع من الحمير، وأن الخوف على الخيل وعلى قيامها، فوق الخوف على الحمير، وأن الحاجة في الغزو وغيره إلى الخيل أعظم، وبهذا يتبين [لك أن] (?) أكل لحوم الحمر لم يكن لحاجة وضرورة إلى الظهر والحمل، وإنما كان عبادة وشريعة.

ألا ترى إلى حديث أنس بن مالك: "أن منادي رسول الله -عليه السلام- نادى يوم خيبر: أن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية، وما نهى الله عنه ورسوله فلا خيار لأحد فيه، وكل قول خالف السنة مردود.

ص: وقال آخرون: إنما منعوا يومئذ من أكل الحوم الحمر؛ لأنها حمر كانت تأكل العذرة، ورووا في ذلك ما حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن الشيباني، قال: ذكرت لسعيد بن جبير حديث ابن أبي أوفى في أمر النبي -عليه السلام- إياهم بإكفاء القدور يوم خيبر، فقال: "إنما نهى عنها؛ لأنها كانت تأكل العُذرة" قالوا: فإنما نهى النبي -عليه السلام- عن أكلها لهذه العلة.

ش: أي قال جماعة آخرون -وهم سعيد بن جبير، وجماعة من المالكية- إنما منعت الصحابة يوم خيبر من أكل لحوم الحمر الأهلية؛ لأنها كانت جوالة تأكل العذرات فكان نهي النبي -عليه السلام- لهذه العلة، لا لأجل التحريم.

وروى هؤلاء في ذلك ما أخرجه بإسناد صحيح، عن إبراهيم بن مرزوق، وهب بن جرير، عن شعبة، عن الشيباني، واسمه سليمان بن فيروز.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015