فلما كان ذلك قد دخل فيه الطعام وغير الطعام، ولم يكن الربح يطيب لأحد إلا بتقدم ضمانه، لما كان عنه ذلك الربح، فكذلك الأشياء المبيعة كلها ما كان منها يطيب الربح فيه لبائعه، فحلال له بيعه، وما كان منها يحرم الربح فيه على بائعه، فحرام عليه بيعه.
ش: أي وفي عموم النهي وتناوله الطعام وغيره حجة أخرى، حاصل ذلك أن بيع المبيع قبل قبضه يستلزم ربح ما لم يضمن، وقد نهي رسول الله -عليه السلام- عن ربح ما لم يضمن على ما نبينه الآن إن شاء الله تعالى. بيان ذلك أن المبيع ما لم يقبض هو في ضمان البائع، حتى إذا هلك يهلك من ماله دون مال المشتري، فإذا باعه المشتري قبل قبضه يكون فيه ربح ما في ضمان غيره، فلا يطيب له ذلك، فإذا قبضه دخل في ضمانه، حتى إذا هلك يهلك من ماله دون مال البائع، فإذا باعه بعد القبض يكون فيه ربح ما في ضمان نفسه، فيطيب له ذلك على أي وجه كان.
ثم هذا المعني يستوي فيه الطعام وغيره من العروض والسلع، فدل ذلك أن النهي عن بيع ما لم يقبض يتناول الطعام وغيره، وقد أجاب بعض المالكية عن هذا فقال: إن النهي عن ربح ما لم يضمن محمول على بيع الخيار، وأن يبيع المشتري قبل أن يختار، أو هو محمول على الطعام، ثم يخص عمومه إذا حملته على بيع الخيار وأن يبيع المشتري قبل أن يختار، أو هو محمول على الطعام ثم يخص عمومه إذا حملناه على الطعام بإحدي طريقتين:
إما دليل الخطاب في قوله: "نهى عن بيع الطعام حتى يستوفى" فدل أن ما عداه بخلافه.
أو يخص بما ذكره ابن عمر -رضي الله عنهما- من أنهم كانوا يبيعون الإبل بالدراهم ويأخذون عنها ذهبًا، أو بالذهب، ويأخذون عنها دراهم وأضاف إجازة ذلك إلى النبي -عليه السلام- وهذا إجازة ربح ما لم يضمن في العين، ونقيس عليه ما سوى الطعام ونخص به النهي عن ربح ما لم يضمن، ويحمل قول ابن عمر من منع بيع الطعام