محرمٍ لها، وإحتجوا في ذلك بالأحاديث المذكورة وذلك لعمومها واشتمالها على حكم السفر مطلقًا.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: كل سفر هو دون البريد فلها أن تسافر بلا محرم، وكل سفر يكون بريدًا فصاعدًا فليس لها أن تسافر إلَّا بمحرم.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: عطاء وسعيد بن كيسان وطائفة من الظاهرية؛ فإنهم قالوا بجواز سفر المرأة فيما دون البريد، فإذا كان بريدًا فصاعدًا فليس لها أن تسافر إلَّا بمحرم.
"والبريد" فرسخان، وقيل: أربعة فراسخ، والفرسخ: ثلاثة أميال، والميل: أربعة آلاف ذراع.
وقال الجوهري: البريد اثني عشر ميلًا.
وفي "المطالع": البَرِيدُ أربعة فراسخ، والفرسخ ثلاثة أميال، والبريد أيضًا الرسول المستعمل، ودواب البريد دواب تُعدّ هؤلاء الرسل، يقال: أبرد إليه بريدًا، ومنه قوله - عليه السلام -: "إذا أبردتم إليّ بريدًا فاجعلوه حسن الوجه حَسن الاسم" (?) ومنه دار البريد، والبريد أيضًا الطريق، وهو عربي وافق لسان العجم، ومنه الحديث: "على بريد الرُّويثة" (?) وبرَّد لنا بريدًا: أرسله لنا معجلًا، ومن هذا كله سميت الدواب والرسل والطرق المستعملة كذلك. انتهى.
وقال الزمخشري: البريد كلمة فارسية يراد بها في الأصل البغل، وأصلها بريدة دم: أي محذوف الذنَب؛ لأن بغال البريد كانت محذوفة الأذناب كالعلامة لها، فأعربت وخففت، ثم سمي الرسول الذي يركبه بريدًا، والمسافة التي بين السكتين