كان بحضرته من أصحاب رسول الله - عليه السلام -، فدل ذلك أن مذهبهم لم يكن إباحة الإتمام في السفر.

ش: أشار بهؤلاء إلى جماعة الصحابة الذين روي عنهم قصر الصلاة، وهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب، وسلمان الفارسي، وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وأنس بن مالك وأبو برزة الأسلمي - رضي الله عنهم -، والباقي ظاهر.

ص: فإن قال قائل: فقد أتمّ ذلك الرجل الذي قدمه سلمان والمسور وهما صاحبان، فقد ضاد ذلك ما رواه سلمان ومَنْ تابعه على ترك الإتمام في السفر.

قيل له: في هذا دليل على ما ذكرت؛ لأنه قد يجوز أن يكون المسور وذلك الرجل أتمّا لأنهما لم يكونا يَريان في ذلك السفر قصرًا؛ لأن مذهبهما لا تقصر الصلاة إلا في حج، أو عمرة، أو غزو، فإنه قد ذهب إلى ذلك غيرهما، فلما احتمل ما روي عنهما ما ذكرنا، وقد ثبت التقصير عن أكثر أصحاب رسول الله - عليه السلام - لم يجعل ذلك مضادًّا لما قد روي عنهم؛ إذ كان قد يجوز أن يكون على خلاف ذلك، وهذا عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قد صلى بمنى أربعًا، فأنكر ذلك عليه عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - ومن أنكره معه من أصحاب رسول الله - عليه السلام -، وإن كان عثمان - رضي الله عنه - إنما فعله لمعنًى رأى به إتمام الصلاة مما سنصفه في موضعه من هذا الباب إن شاء الله تعالى، فلما كان الذي ثبت لنا عن رسول الله - عليه السلام -، وعن أصحابه هو تقصير الصلاة في السفر لا إتمامها؛ لم يجز لنا أن نخالف ذلك إلى غيره.

ش: تقرير السؤال أن يقال: إن الرجل الذي قدمه سلمان في الصلاة قد أتمّ صلاته وهو صحابي، وكذلك المسور بن مخرمة في حديث الزهري المذكور عن قريب قد أتم صلاته، وهو أيضًا صحابي، فقد وقع بين فعلهما وبين ما روي عن سلمان ومَنْ تابعه من الصحابة على ترك الإتمام في السفر تضاد وتخالف؛ فحينئذٍ لا يتم الاستدلال بقول مَنْ يرى القصر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015