الثالث: وهي رواية الحسن، عن أبي حنيفة، ورواية أبي سماعة عن محمد، ولم يريدوا به السَيْر ليلًا ونهارًا؛ لأنهم جعلوا النهار للسَيْر والليل للاستراحة، فلو سلك طريقًا هي مسيرة ثلاثة أيام وأمكنه أن يصل إليها في يومٍ من طريق آخر قصر، ثم قَدَّروا ذلك بالفراسخ.
فقيل: إحدى وعشرون فرسخًا.
وقيل: ثمانية عشر وعليه الفتوى.
وقيل: خمسة عشر فرسخًا إلى ثلاثة أيام، وعلى هذا عثمان بن عفان، وابن مسعود، وسويد بن غفلة، والشعبي، والنخعي، والثوري، والحسن بن حيّ، وأبو قلابة، وشريك بن عبد الله، وسعيد بن جبير، ومحمد بن سيرين، وهو رواية عن عبد الله بن عمر.
وعن مالك: لا يقصر في أقل من ثمانية وأربعين ميلًا بالهاشمي وذلك ستة عشر فرسخًا، وهو قول أحمد، والفرسخ: ثلاثة أميال، والميل: ستة آلاف ذراع، والذراع: أربع وعشرون إصبعًا معترضة معتدلة، والإصبع: ست شعيرَات معترضات معتدلات.
وذلك يومان وهو أربعة برد، هذا هو المشهور عنه، وعنه أيضًا: خمسة وأربعون ميلًا، وعنه: اثنان وأربعون ميلًا، وعنه: أربعون ميلًا، وعنه: ستة وثلاثون ميلًا.
وقال ابن حزم: ذكر هذه الروايات عنه إسماعيل القاضي، قال: ورأى لأهل مكة خاصةً القصر إلى مني، فما فوقها وهي أربعة أميال.
وللشافعي سبعة نصوص في المسافة التي تقصر فيها الصلاة: ثمانية وأربعون ميلًا، ستة وأربعون، أكثر من أربعين، أربعون يومان، ليلتان، يوم وليلة.
وهذا الآخر قال به الأوزاعي.
وقال أبو عمر: قال الأوزاعي: عامة العلماء يقولون به.