وذهب أبو حنيفة والشافعي وجماعة من العلماء إلى أن أهل مكة بمنى وعرفة، وأهل عرفة ومنى بمكة يتمون كغير الحاج منهم؛ إذْ ليس في المسافة مدة قصر الصلاة.

وقال ابن بطال: اتفق العلماء على أن الحاج القادم مكة شرفها الله تعالى يقصر الصلاة بها وبمنى وسائر المشاهدة لأنه عندهم في سفر؛ لأن مكة ليست دار الإقامة إلا لأهلها أو لمن أراد الإقامة بها، وكان المهاجرون قد فرض عليهم ترك المقام بها، فلذلك لم ينوِ رسول الله - عليه السلام - الإقامة بها ولا بمنى.

قال: واختلف العلماء في صلاة المكيّ بمنى.

فقال مالك: يتم بمكة، ويقصر بمنى، وكذلك أهل مني يتمون بمنى ويقصرون بمكة وعرفات.

قال: وهذه المواضع مخصوصة بذلك؛ لأن النبي - عليه السلام - لما قصر بعرفة لم يميز مَنْ وَرَاءَهُ ولا قال: يا أهل مكة، أتموا وهذا موضع بيان؛ ولذلك قال عمر - رضي الله عنه - بعده لأهل مكة: يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سَفْرٌ.

قال: وممن روى عنه أن المكي يقصر بمنى طاوس والأوزاعي وإسحاق، قالوا: القصر سنة المواضع، وأتم بمنى ومكة مَنْ كان مقيمًا بهما.

وقال أكثر أهل العلم -منهم عطاء والزهري، وهو قول الثوري، والكوفين، وأبي حنيفة، وأصحابه، والشافعي، وأحمد، وأبي ثور-: لا يقصر الصلاة أهل مكة بمنى وعرفات؛ لأنه ليس بينهما مسافة القصر.

قالوا: وفي قول عمر بن الخطاب لأهل مكة: "أتموا صلاتكم" ما أغني أن يقول ذلك بمنى.

واختلفوا في المسافة التي تُقصر فيها الصلاة، فقال أبو حنيفة وأصحابه والكوفيون: المسافة التي تُقصر فيها الصلاة ثلاثة أيام ولياليهن بسَيْر الإبل ومشي الأقدام، وقال أبو يوسف: يومان وأكثر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015