إن الثقافة الغربية تقول: لا تؤذ عيرك، لا تؤذ جارك، لا ترم الأذى في الطريق، ولكن الإسلام يقول ذلك ويضيف إليه أحسن إلى غيرك، أحسن إلى جارك، أمط الأذى عن الطريق، {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ} [النحل: 90].

وفي الحديث "الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان" (?).

7 - الواقعية:

ليس المراد بالواقعية الرضا بالحال التي عليها الإنسان في حال سموه، وفي حال انحداره، كما هو حال الأدب الهابط الذي يصف الواقع المريض الذي يعيشه كثير من البشر، ولكن المراد بالواقعية أنها تضع التشريعات للإنسان من حيث هو إنسان، فالإنسان فيه القوة والضعف، يعلو أحيانًا ويهبط أحيانًا، وهو بحاجة إلى الشريعة التي ترقى به إلى مدارج الكمال، وتثني على استقامته إذا استقام، وتبصره بخطئه حين يخطئ، وتفتح له باب التوبة إذا عصى، وتشرع له الرخص التي يأخذ بها حين الضعف والمرض وعدم القدرة على العمل، والشريعة الإسلامية هي التي تفعل ذلك كله، أحلت الطيبات وحرمت الخبائث، وأحلت للمضطر تناول ما حرم عليه من الطعام، وأوجبت الوضوء للصلاة، وأباحت التيمم حين فقد الماء أو حين عدم القدرة على استعماله، وألزمت بالصلوات في أوقاتها بأعدادها المقررة، ورخصت بالجمع والقصر في السفر، وشرعت الفطر للمسافر في رمضان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015