وفي ظل هذا المقياس الذي وضع للناس كافة يرتقي الناس جميعًا، ويتنافسون في ميدان العمل الصالح، لا فرق بين أبي بكر العربي، وبين سلمان الفارسي، وبلال الحبشي، وصهيب الرومي، وتدخل الشعوب في الإسلام، فلا تشعر بغضاضة في نفوسها، ذلك أن الناس في ظل الإسلام {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10].

وقد جاءت تعاليم الإسلام للإنسان كإنسان بغض النظر عن جنسه ولونه وموطنه، فالعناصر الثقافية الإسلامية: التربوية، والنفسية، والروحية، والأخلاقية - جاءت أحكامها وفق الطيعة الذاتية للإنسان مجردة عن إطار الزمان والمكان، ذلك أن الإنسان كإنسان ثابت لا يتغير، ولا يتبدل في روحه وعواطفه وأشواقه وضروراته وغرائزه، والجانب المتغير في الإنسان هو الجانب العملي، أو الجانب الذي يتعامل فيه الإنسان مع الكون.

إن هذا الدين يسع البشرية كلها، لأنه من عند الله، منزل إلى الناس كلهم {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلا كَافَّةً لِلنَّاسِ} [سبأ: 28].

{تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالمِينَ نَذِيرًا} [الفرقان: 1].

أمَّا الثقافات البشرية فكل أمّة تستمد ثقافتها من مألوفها وذوقها وموارثيها الأدبية وظروفها الجغرافية، وضروراتها الإقليمية، وحاجاتها الاجتماعية، فكيف يمكن أن ئكون ثقافة أمّة من هذه الأمم ثقافة للعالم كله، وهذا يدلنا على بطلان ما ينادي به الغرب من عالمية الثقافة الغربية.

وغاية الإسلام إيجاد الإنسان الصالح، أما المبادئ الأرضية فغايتها تكوين المواطن الصالح، الإسلام يجعل كل إنسان هدفًا لمنهجه، بينما المبادئ الأرضية تتجه إلى فئة معينة من الناس دون سواهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015