وهذان النصان يدلان على أن مذهب الشافعي الجديد كمذهبه القديم أن قول الصحابي حجّة، وهذا يبطل ما نسبه كثير من أصحابه إليه أن مذهبه الجديد ليس قول الصحابي بحجة.
تنبيه:
قول الصحابي إن لم يكن فيه مجال للرأي فهو في حكم الحديث المرفوع، كما تقرر في علم الحديث، فيقدم على القياس، ويخص به النص، إن لم يعرْف الصحابي بالأخذ من الإسرائيليات.
إذا كانت أدلة الأحكام بهذه الكثرة فليست في القوة في درجة واحدة، فنصوص الكتاب والسنة المتواترة هي الأقوى، ثم يليها نصوص السنة الأحادية، ثم المجمع عليه، فالقياس.
قال الشافعي في كتابه الرسالة: "يحكم بالكتاب والسنة المجتمع عليها، الذي لا اختلاف فيها، فنقول لهذا: حكمنا بالحق في الظاهر والباطن.
ويحكم بالسنة قد رويت من طريق الانفراد، لا يجتمع الناس عليها، فنقول: حكمنا بالحق في الظاهر، لأنه قد يمكن الغلط فيمن روى الحديث.
ونحكم بالإجماع ثم القياس، وهو أضعف من هذا، ولكنها منزلة ضرورة، لأنه لا يحل القياس والخبر موجود، كما يكون التيمم طهارة في السفر عند الإعواز من الماء، ولا يكون طهارة إذا وجد الماء، إنما يكون طهارة في الإعواز.