جميعه، فما لم يقم دليل على تغيرها فالشيء على إباحته الأصلية.
وإذا سئل المجتهد عن حكم حيوان أو جماد أو نبات أو أي طعام أو أي شراب ولم يجد دليلًا شرعيًّا على حكمه، حكم بإباحته، لأن الإباحة هي الأصل، ولم يقم دليل على تغيره.
الشريعة كلها مصالح، جاءت بجلب المصالح وتكميلها ورفع المفاسد وتقليلها، والعلماء حكموا بذلك بعد استقراء الشريعة إستقراءً يفيد العلم.
والمبحوث فيه هنا المصالح المرسلة أي المطلقة التي لم يشرع الشارع حكمًا لتحقيقها، ولم يدل دليل شرعي على اعتبارها أو إلغائها، وسميت مطلقة لأنها لم تقيد بدليل الاعتبار أو دليل الإلغاء، ومثالها المصلحة التي شرع لأجلها اتخاذ السجون، أو ضرب النقود، أو إبقاء الأرض الزراعية التي فتحها الصحابة في أيدي أهليها ووضع الخراج عليها.
وتوضيح هذا أن المصالح التي نيطت الأحكام بها ثلاثة أنواع:
الأول: أن يشهد الشرع باعتبار تلك المصلحة كالإسكار، فإنه وصف مناسب لتحريم الخمر لتضمنه مصلحة حفظ العقل، وقد نص الشرع على اعتبار هذه المصلحة فحرم لأجلها الخمر.
الثاني: أن يلغى الشرع تلك المصلحة ولا ينظر إليها كما لو ظاهر ملك من امرأته، فالمصلحة في تكفيره بالصوم لأنَّه هو الذي يردعه لخفة العتق ونحوه عليه، لكن الشرع ألغى هذه المصلحة، وأوجب الكفارة بالعتق من غير نظر إلى وصف