لا يتأتى إلا بدخول الطريق والشرب في وقف الأرض وإن لم ينص عليهما كان ذلك استحسانا.
ومثال الثاني: أن الشارع نهى عن بيع المعدوم والتعاقد على المعدوم، ورخص استحسانًا في السلم والإجارة والمزارعة والمساقاة والاستصناع، وهي كلها عقود، المعقود عليه فيها معدوم وقت التعاقد، ووجه الاستحسان حاجة الناس وتعارفهم.
والصحيح أن الاستحسان ليس مصدرًا تشريعيًّا مستقلًا، فهو استدلال خفي، يحيث يرجح على قياس جلي، أو ترجيح قياس على قياس يعارضه بدليل يقتضي الترجيح، يقول الشوكاني: "إن ذكر الاستحسان في بحث مستقل لا فائدة فيه، لأنه إن كان راجعًا إلى الأدلة المتقدمة فهو تكرار، وإن كان خارجًا عنها فليس من الشرع في شيء" (?).
الاستصحاب في اللغة: اعتبار المصاحبة، وفي اصطلاح الأصوليين: هو الحكم على الشيء بالحال التي كان عليها من قبل حتى يقوم دليل على تغير تلك الحال، أو هو جعل الحكم الذي كان ثابتًا في الماضي باقيًا في الحال حتى يقوم دليل على تغيره.
فإذا سئل المجتهد عن حكم عقد أو تصرف، ولم يجد نصًّا في القرآن أو السنة، ولا دليلًا شرعيًّا يدلُّ على حكمه، حكم بإباحة هذا العقد أو التصرف بناء على أن الأصل في الأشياء الإباحة، وهي الحال التي خلق الله عليها ما في الأرض