عائشة، وعندها الحولاء بنت تويت، وكانت تذكر من عبادتها، وأنها لا تنام الليل، فردها الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى المنهج الوسط قائلا: "مه، عليكم من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا، وكان أحب الدين إلى الله ما داوم عليه صاحبه"، رواه البخاري ومسلم ومالك في الموطأ والنسائي (?).
إن التشديد على النفوس بالعبادة والطاعة نهج أخذ به المتعبدون أنفسهم في الأمم الخالية، ولم يكن منهجا موفقا، ولذلك حذرنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - من سلوكه، ففي سنن أبي داود: "لا تشددوا على أنفسكم، فيشدد عليكم، فإن قوما شَدَّدوا على أنفسهم، فشُدِّد عليهم، كتلك بقاياهم في الصوامع والديار، رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم (?) ".
تتطلع الشعوب دائمًا إلى إيجاد قوانين تتصف بالعدل وتنفي الظلم والجور، وكم يكون مصاب البشر أليمًا عندما يجدون القوانين التي يرجونها لإقرار العدل والإنصاف تقنن الظلم بحيث يكون هو النظام الذي يحكم في رقاب العباد. إننا لا نريد بالعدل هنا تطبيق القاعدة القانونية، فجور القاضي وظلم الحاكم في الحكم بخلاف القانون ليس هو المراد هنا، بل المراد هو اتصاف القانون بالعدل.
إنَّ الذين يضعون القوانين البشرية لا يمكنهم أن ينسلخوا من طبائعهم البشرية، ولذلك نراهم يميلون بالقوانين تجاه الفئة الحاكمة، فتعطيها من المصالح والمنافع ما لا تعطي غيرها، وهي في هذه الحالة تقرر الظلم وهي تعلم بذلك، وفي بعض