وذهبوا يبررون ما أقاموا عليه من ذميم الأخلاق بأنه ليس في وسعهم تغيير ما غرس فيهم من الأخلاق الذميمة، والصواب من القول أن من الأخلاق الكريمة ما يطبع عليه صاحبه، فهذا يحمد الله على ما آتاه الله من فضيلة، ومن الأخلاق الكريمة ما ينال بالاكتساب والمجاهدة، وقد وقع في حديث أشج عبد القيس عند أحمد والنسائي والبخاري في الأدب المفرد وصححه ابن حبان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن فيك لخصلتين يحبهما الله: الحلم، والأناة، قال: يا رسول الله، قديما كانا فيَّ أو حديثًا؟ قال: قديمًا، قال: الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما" (?)، قال ابن حجر العسقلاني معقبا على الحديث: "فترديده السؤال وتقريره عليه يشعر بأن في الخلق ما هو جبلي وما هو مكتسب" (?)، وقد نقل ابن حجر مقالة القرطبي في هذا الموضوع حيث يقول: "الخلق جبلة في نوع الإنسان، وهم في ذلك متفاوتون، فمن غلب عليه شيء منها إن كان محمودا، وإلا فهو مأمور بالمجاهدة فيه حتى يصير محمودا، وكذا إن كان ضعيفًا فيرتاض صاحبه حتى يقوى" (?).
والأدلة على أن الأخلاق قابلة للتعديل والتقويم كثيرة منها:
الأول: الرؤية والمشاهدة، فنحن نشاهد الجبان تحول بالمجاهدة والتدريب إلى شجاع، كما نرى الكذوب بالتربية والتعليم أصبح صادقًا، وكم رأينا من رجال ساءت أخلاقهم عندما خالطوا الأشرار، وكم من رجال حسنت أخلاقهم عندما هدوا إلى الإيمان والأعمال الصالحة وعاشروا عباد الله الصالحين.
الثاني: أننا نرى دائما حيوانات تغيرت طباعها، بالتدريب والتعليم، فقد حدث