أن دُرِّب الهرُّ حتى عاش مع الفأر، والكلب مع الهر، ودربت القردة على أمور كثيرة عجيبة، فإذا أمكن تقويم طماع الحيوان، فالإنسان من باب أولى.

الثالث: جاءت جميع الشرائع داعية إلى مكارم الأخلاق ناهية عن ذميمها، كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119].

وقوله: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إلا بِاللَّهِ} [النحل: 127].

وقوله: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195].

فلو كان تقويم الأخلاق وتهذيبها غير مستطاع فإن دعوة الشرائع إلى ذلك يكون عبثًا لا طائل تحته، وكل عاقل يعلم أن الله ما أمر إلا بالممكن المستطاع، {رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} [البقرة: 286].

{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا وُسْعَهَا} [البقرة: 286].

الرابع: صح عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، ومن يتحر الخير يعطه، ومن يتوق الشرَّ يوقه"، رواه الخطيب عن أبي هريرة وسنده حسن، (?) ويمكن أن يستدل أيضًا بحديث أشج عبد القيس وقد سبق ذكره، وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يطلب من ربّه الهداية لأحسن الأخلاق، فمن دعائه في استفتاح الصلاة: "واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها، لا يصرف عني سيئهما إلا أنت" (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015