وقد عَرَف خُلُقَه أصحابُه وأعداؤُه على حدّ سواء، وتحدث به الركبان، ولم يجد الخصوم في خلقه مطعنا.

وقد وصف لنا الصحابي الجليل أنس بن مالك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان عالما به حق العلم، فهو خادمه الذي لازمه عشر سنين، قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس وكان أجود الناس، وكان أشجع الناس" (?).

وانظر إلى هذه الصورة الرائعة التي ينقلها أنس عن خلق الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "خدمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين، والله ما قال لي أفًّا قط، ولا قال لي لشيء: لم فعلت كذا، وهلا فعلت كذا" (?).

وكما أثنى الله على الأخلاق الفاضلة وأهلها، حذر من الأخلاق الذميمة وأهلها، ففي محكم التنزيل {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَنَّاعٍ لِلْخَيرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13)} [القلم: 10 - 13].

ومما وصى به لقمان ابنه: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: 18].

المبحث الثاني المجاهدة في إصلاح الأخلاق وتقويمها

ذهب بعض الباحثين والفلاسفة إلى أن الأخلاق غرائز في النفس الإنسانية لا تقبل تقويمًا ولا تعديلا، وقد استغل هذه المقالة من ثقلت عليهم مجاهدة نفوسهم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015