¤سعد بن مطر المرشدي العتيبي£بدون¥دار الفضيلة – السعودية¨الأولى¢1430هـ€سياسة شرعية¶علاقات عربية وإسلامية ودولية
الخاتمة:
الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات، وبرحمته وعفوه تغفر الزلات.
أما بعد؛ فقد ظهر من دراسة الباحث لموضوعات هذه الرسالة، نتائج مهمة؛ يمكن إجمالها في البنود التالية، بعد تقسيمها إلى مجموعتين:
الأولى: النتائج الكلية من دراسة فقه السياسة الشرعية في علم السير، وغيرها:
1) بيان الحد الفاصل بين الثابت والمتغير في فقه علم السير؛ وقد اتضح ذلك بما نهجه البحث من تقسيم السياسة الشرعية إلى مدلولين .. عام (ثابت)، وخاص (متغير)؛ وثبوت وجوده في الفقه الشرعي الأصيل، تنظيراً وتطبيقا؛ فقد اتضح بالنظر في تعريفات السياسة الشريعة عند المتقدمين والمتأخرين – مما أمكن الإطلاع عليه – أنها تطلق على معان مجزأة تكاد تنحصر في مفهومين، عام وخاص.
أما المفهوم العام، فهو إطلاق السياسة الشرعية على: الأحكام، والتصرفات التي تدبر بها شؤون الأمة، ويدير بها الحاكم رعيته بما يحقق مصلحتها، سواء استند في ذلك إلى دليل جزئي نصي خاص، أو إلى قواعد الشريعة العامة، ومقاصدها. وهي حينئذ ترادف (الأحكام السلطانية).
وأما المفهوم الخاص، فهو إطلاق السياسة الشرعية على: الأحكام والنظم التي تدبر بها شؤون الدولة الإسلامية، التي لم يرد فيها نص تفصيلي (أو جزئي)، أو التي من شأنها التغير والتبدل، بما يحقق مصلحة الأمة، ويتفرق مع روح الشريعة وأصولها العامة.
2) البيان العملي لما ينفيه العلمانيون – من المنظرين الأجانب وتلاميذهم (حقيقة أو فكراً) من بني جلدتنا – ومن سلك مسلكهم، من خصائص الشريعة الإسلامية، ألا وهما خاصيتا الشمول والمرونة، مع تأكيد ذلك بالبرهان النظري.
3) إظهار فقه أهل الإسلام وبيان طريقتهم في دراسة النصوص الشرعية عن حيث الكلية والجزئية، وسلوكهم طرائق استنباط دقيقة منضبطة، وبيان سبقهم فيما وصلوا إليه من نتائج، لأحدث ما وصل إليه التراكم المعرفي, القانوني, الطبيعي في مراحل تطوره المختلفة.
4) بيان سبب من أهم أسباب الاختلاف الفقهي بين أئمة الفقه، في جملة من مسائل البحث؛ ألا وهو: الاختلاف في إدراج مسألة له من مسائل فقه السير، ضمن مسائل السياسة الشرعية بمعناها الخاص؛ ما بين مدخل لها فيها، ومخرج لها منها، وفق ما وصل إليه اجتهاد كل منهم في فهم جملة من الأدلة، أو في فهم نوع التصرف النبوي في فعل من الأفعال، ونحو ذلك.
5) تأكيد كون مصادر الشريعة الإسلامية، هي أساس الشرعية الإسلامية العليا؛ وأن إطار ذلك أوسع مما قد يظنه بعض الباحثين؛ إذ تجلى أن ما لم يخالف الشريعة الإسلامية فهو منها، كما هو الشأن فيما وافقها؛ ومن ثم فلا يتحرج في الإفادة من تجارب الأمم الأخرى، فيما ثبت نفعه، مما لا مخالفة فيه للشريعة الإسلامية.
6) أن الموازنة بين الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية؛ يجب أن تسبق الموازنة بين أصول الشريعة وخصائصها، وبين أصول القوانين وما توصف به من صفات؛ مع مراعاة الفروق بين المصطلحات الشرعية والفقهية، وبين المصطلحات القانونية؛ وأن الانطلاق في الموازنة عبر مسارات جزئية لا تراعي ما ذكر، تجعل الموازنة غير موضوعية، بل ولا واقعية. كما يجب الانطلاق عند الموازنة من قاعدة الشريعة، لبيان ما يندرج فيها وما لا مدخل له في الشريعة الإسلامية؛ فإنها شريعة الله.