فاحمل بنيانك على قوة أساس الإيمان، فإذا تشعث شيء من أعالي البناء وسطحه: كان تداركه أسهل عليك من خراب الأساس.

وهذا الأساس أمران: صحة المعرفة بالله وأمره وأسمائه وصفاته.

والثاني: تجريد الانقياد له ولرسوله صلى الله عليه وسلم دون ما سواه.

فهذا أوثق أساس أسس العبد عليه بنيانه وبحسبه يعتلي البناء ما شاء).

النتيجة الثالثة: برز في هذا البحث أهمية العناية بأسماء الله الحسنى وآثارها الإيمانية بصورة ملحة في زماننا اليوم عن أي زمان مضى؛ ذلك لما ظهر في هذه الأزمنة من شبهات عظيمة وشهوات خطيرة تبثها وسائل إعلامية لم يمر على البشرية في تاريخها الطويل مثلها في الفساد، مما نشأ عنه فساد عظيم في التصور، وأزمة شديدة في الأخلاق قست به القلوب واستفحلت فيها أمراض الشكوك والقلق والشهوات والأحقاد والأضغان، وإن من أعظم ما تدفع به هذه الأمراض والكوارث معرفة الله – عز وجل – بأسمائه وصفاته وآثارها في القلوب والأعمال، والتعبد لله – عز وجل – بها، ولهذا كان لزاماً على مصلحي هذه الأمة والمدافعين للشر والفساد أن يولوا هذا العلم الشريف عناية تامة، فيردوا الناس إليه، ويعلمونهم ويربطونهم بآثاره ومقتضياته حتى يسعدوا في الدنيا والآخرة، ويقطعوا على أهل الشبهات والشهوات طريقهم في إفساد الناس.

النتيجة الرابعة: كما تبرز أهمية هذه الدراسة في زماننا اليوم بصورة ملحة؛ لما نعيشه اليوم من فتن وسعار على هذه الدنيا التي من أجلها يتحاسد كثير من الناس ويتقاتلون، وكل ذلك إنما نشأ من ضعف الإيمان والتوحيد في القلوب والذي منشؤه من ضعف معرفة الله سبحانه وتعالى وأسمائه وصفاته، وما تقتضيه من آثار وثمار.

النتيجة الخامسة: وتبرز أيضاً أهمية هذا العلم الشريف في مثل الظروف الراهنة التي تمر بها أمتنا الإسلامية من تداعي أمم الكفر والشر عليها كما تداعى الأكلة إلى قصعتها حتى تكاثرت الجراح عليها فلا يكاد يلتئم جرح إلا وينفتح عليها جراحات كثيرة. وهنا يأتي دور التربية والتزكية بمعرفة أسماء الله –عز وجل- وما تقتضية من الآثار الإيمانية السلوكية، والتي تثمر قوة المقاومة لهذه الفتن، والصمود أمام الأحداث والمصائب في ضوء المعرفة الصحيحة للأسماء الحسنى، مما يكون له الأثر في الثبات وقوة الإيمان، والصبر على البلاء، والتضحية في سبيل الله – عز وجل – والنصر على الأعداء وقوة الرجاء، وحسن الظن به سبحانه، وقطع الطريق على اليأس والإحباط.

وإن أولى الناس بهذه المعرفة والتربية المجاهدون في سبيل الله تعالى، والآمرون بالمعروف، والناهون عن المنكر، لأنهم أكثر الناس تعرضا للمعوقات والمثبطات. لذا ترى – والله أعلم – أن الله – عز وجل – لما أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بتحريض المؤمنين على القتال ذكر لهم أن الواحد من المؤمنين يغلب عشرة من الكفار، ثم ذكر السبب في ذلك بأن الكفار قوم لا يفقهون، ومفهوم المخالفة أن المؤمنين قوم يفقهون عن الله – عز وجل – ويعرفونه سبحانه بأسمائه وصفاته، ويعلمون في سبيل من يقاتلون وما هي الغاية التي يرومون، قال الله عز وجل: {يأيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون} [الأنفال: 65].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015