ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها دراسة تربوية للآثار الإيمانية والسلوكية لأسماء الله الحسنى

¤عبدالعزيز بن ناصر الجليل£بدون¥دار طيبة - الرياض¨الأولى¢1429هـ€توحيد وعقيدة ومنهج¶أسماء وصفات - قواعد عامة ودراسات

الخاتمة:

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والشكر لله – عز وجل – على ما أولاه من فضل وعون وتوفيق في الكتابة في هذا العلم الشريف، الذي هو أشرف العلوم وأرفعها وأنفعها كيف لا وهو يتعلق بأشرف وأكرم وأجل معلم وهو الله عز وجل.

هذا، وأسأل الله – عز وجل – أن يغفر لي تقصيري، ويمحو زلتي، وأن يجبر ضعفي، وأن يتقبل مني، وأن لا يؤاخذني بما نبا عن الفهم أو زل به القلم إنه سميع مجيب بر رحيم عفو غفور.

وقد خلصت بعد الانتهاء من كتابة في هذا البحث إلى نتائج مهمة أنبه نفسي وإخواني المسلمين إليها:

النتيجة الأولى: تبين لي من خلال هذا البحث التقصير الشديد من طلاب العلم وبخاصة المهتمين بتدريس العقيدة، وذلك في الغفلة عن هذا العلم الشريف، ألا وهو التعبد لله – عز وجل – بأسمائه الحسنى، وصفاته العلا وآثارها على أعمال القلوب والأخلاق والسلوك، فقل أن يوجد من يولي هذا الجانب عناية خاصة وهو يدرس العقيدة أو يدرسها، لذا أتوجه في هذه الخاتمة بالنصح لنفسي ولإخواني طلاب العلم وأرباب التوجيه والتربية، بأن تولي هذا الجانب المهم من أسماء الله – عز وجل – عناية كبيرة في الدروس والحلقات التعليمية، وأن تتم التربية من خلاله على تقوية الإيمان وتجريد التوحيد لله – عز وجل – وتزكية القلوب والأخلاق، وألا نقف في دراسة توحيد الأسماء والصفات على الجوانب الذهنية المجردة أو الردود على أهل البدع والأهواء فقط، وإنما نجمع في دراسة هذا الجانب المهم من توحيد الله – عز وجل – بين الجانب العلمي والعملي والتعبدي والأخلاقي، فهكذا كان سلفنا الصالح في تميزهم بمنهجهم الفريد القائم على صحة الفهم، والمعتقد وسلامة القلوب والأخلاق، ولا يعد المسلم متبعاً لمنهج السلف الصالح حتى يتبعهم في معتقدهم وفي أخلاقهم.

النتيجة الثانية: ومما يؤكد النتيجة السابقة ما خرجت به من هذه الدراسة من شعور نفسي شعرت به في نفسي وفي نفوس كثير ممن صرحوا لي بذلك ألا وهو الشعور بضعف الإيمان ونقص التوحيد في قلوبنا، وكذلك الشعور بالخلل في تعاملاتنا وأخلاقنا، واكتشاف أن مراد هذه كله هو عدم اهتمامنا بأسماء الله الحسنى فهماً وتعبداً وتخلقاً؛ لأن توحيد الأسماء والصفات هو في حقيقته أساس توحيد الألوهية والربوبية، وبالتالي هو أساس الإيمان الذي تبنى عليه الأعمال والأحوال والأخلاق، وبقدر ما يضعف هذا الأساس يضعف ما قد يبنى عليه.

يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: (من أراد علو بنيانه فعليه بتوثيق أساسه وإحكامه؛ وشدة الاعتناء به، فإن علو البنيان على قدر توثيق الأساس وإحكامه. فالأعمال والدرجات بنيان؛ وأساسها الإيمان.

ومتى كان الأساس وثيقا حمل البنيان واعتلى عليه، وإذا تهدم شيء من البنيان سهل تداركه، وإذا كان الأساس غير وثيق لم يرتفع البنيان ولم يثبت، وإذا تهدم شيء من الأساس: سقط البنيان؛ أو كاد.

فالعارف همته تصحيح الأساس وإحكامه، والجاهل يرفع في البناء عن غير أساس؛ فلا يلبث بنيانه أن يسقط، قال تعالى: {أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم} [التوبة: 109].

فالأساس لبناء الأعمال: كالقوة لبدن الإنسان، فإذا كانت القوة قوية حملت البدن؛ ودفعت عنه كثيراً من الآفات، وإذا كانت القوة ضعيفة ضعف حملها للبدن؛ وكانت الآفات إليه أسرع شيء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015