المريض يؤمر بالدواء؛ فيشربه، ونفسه لا تشتهيه، وينهى عن الطعام الذي يضرُّه؛ فيتركه، ونفسه تشتهيه، كل ذلك؛ طلبًا للشفاء والسلامة، ولا يمكن أن يمتنع عن شرب الدواء، أو يأكل الطعام الذي يضره، ويحتجُّ بالقدر، فلماذا يترك الإنسان ما أمر الله به ورسوله أو يفعلُ ما نهى الله عنه ورسوله ثم يحتجُّ بالقدر؟

السابع: أن المحتجَّ بالقدر على ما تركه من

الواجبات، أو فعله من المعاصي، لو اعتدى عليه شخص فأخذ ماله، أو انتهك حرمته، ثم احتجَّ بالقدر، وقال: لا تلمني فإنَّ اعتدائي كان بقدر الله؛ لم يقبل حجته، فكيف لا يقبل الاحتجاج بالقدر في اعتداء غيره عليه، ويحتج به لنفسه في اعتدائه على حق الله تعالى؟!

ويُذْكَرُ أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب t رُفِعَ إليه سارقٌ استحق القطع؛ فأمر بقطع يده فقال: مهلاً يا أمير المؤمنين، فإنما سرقت بقدر الله؛ فقال عمر: ونحن إنما نقطعُ بقدر الله.

وللإيمان بالقدر ثمرات جليلة منها:

الأولى: الاعتماد على الله تعالى، عند فعل

الأسباب، بحيث لا يعتمدُ على السبب نفسه؛ لأن كل شيء بقدر الله تعالى.

الثانية: أن لا يُعْجَب المرء بنفسه عند حصول مراده؛ لأن حصوله نعمة من الله تعالى، بما قَدَّره من أسباب الخير، والنجاح، وإعجابه بنفسه، ينسيه شكر هذه النعمة.

الثالثة: الطمأنينة، والراحة النفسية بما يجزى عليه من أقدار الله تعالى؛ فلا يقلقُ بفوات محبوب، أو حصول مكروه؛ لأن ذلك بقدر الله الذي له ملك السموات والأرض، وهو كائن لا محالة، وفي ذلك يقول الله تعالى: (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) [سورة الحديد: 22، 23] ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (عجبًا لأمر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015