المؤمن إنّ أمره كلَّه خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سرَّاءُ شكر؛ فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاءُ صبر؛ فكان خيرًا له) (?) .

وقد ضلَّ في القدر طائفتان:

إحداهما: الجبرية الذين قالوا إنَّ العبد مجبر

على عمله، وليس له فيه إرادة ولا قدرة.

الثانية: القدرية الذين قالوا: إنَّ العبد مستقل بعلمه في الإرادة، والقدرة، وليس لمشيئة الله تعالى، وقدرته فيه أثر.

والرد على الطائفة الأولى (الجبرية) بالشرع والواقع:

أما الشرع: فإن الله تعالى أثبت للعبد إرادة ومشيئة، وأضاف العمل إليه، قال الله تعالى: (مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ) [سورة آل عمران: 152] وقال تعالى: (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا) [سورة الكهف: 29] وقال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ) [سورة فصلت: 46] .

وأما الواقع: فإن كل إنسان يعلمُ الفرق بين أفعاله الاختيارية التي يفعلها بإرادته: كالأكل، والشرب، والبيع، والشراء، وبين ما يقعُ عليه بغير إرادته: كالارتعاش من الحمى، والسقوط من السطح، فهو في الأول فاعل مختار بإرادته من غير جبر، وفي الثاني غير مختار، ولا مريد لما وقع عليه.

والرد على الطائفة الثانية (القدرية) بالشرع والعقل:

أما الشرع: فإن الله تعالى خالق كل شيء، وكل شيء كائن بمشيئته، وقد بَيّنَ الله تعالى في كتابه أن أفعال العباد تقع بمشيئته فقال تعالى: (وَلَوْ شَاء اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ) [سورة البقرة: 253] ، وقال تعالى: (وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لأمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) [سورة السجدة: 13] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015