مَكَان حَتَّى أَخذهم عنْوَة بعد قتال شَدِيد فَقتل رِجَالهمْ وسبى نِسَاءَهُمْ وصبيانهم وَأَمْوَالهمْ ونصرهم واستعبدهم إِلَّا أَن أُنَاسًا فِي غربية الأندلس امْتَنعُوا من التنصر وانحازوا إِلَى جبل منيع وعر فَاجْتمعُوا فِيهِ بعيالهم وَأَمْوَالهمْ وتحصنوا فِيهِ فَجمع عَلَيْهِم ملك الرّوم جموعه وطمع فِي الْوُصُول إِلَيْهِم كَمَا فعل بغيرهم فَلَمَّا دنا مِنْهُم وَأَرَادَ قِتَالهمْ خيب الله سَعْيه ورده على عقبه ونصرهم عَلَيْهِ بعد أَكثر من ثَلَاثَة وَعشْرين معركة فَقتلُوا من جنده خلقا كثيرا من رجال وفرسان وأقناد فَلَمَّا رأى أَنه لَا يقدر عَلَيْهِم طلب مِنْهُم أَن يعطيهم الْأمان ويجوزهم لعدوة الغرب مُؤمنين فأنعموا لَهُ بذلك إِلَّا أَنه لم يسرح لَهُم شَيْئا من مَتَاعهمْ غير الثِّيَاب الَّتِي كَانَت عَلَيْهِم وجوزهم لعدوة الغرب كَمَا شرطُوا عَلَيْهِ وَلم يطْمع أحد بعد ذَلِك أَن يقوم بدعوة الْإِسْلَام وَعم الْكفْر جَمِيع الْقرى والبلدان وانطفأ من الأندلس نور الْإِسْلَام وَالْإِيمَان فعلى هَذَا فليبك الباكون ولينتحب المنتحبون فَإنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون كَانَ ذَلِك فِي الْكتاب مسطورا وَكَانَ أَمر الله قدرا مَقْدُورًا لَا مرد لأَمره وَلَا معقب لحكمه وَهُوَ القاهر فَوق عباده وَهُوَ الْحَكِيم الْخَبِير وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم وَصلى الله على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا أثيرا كثيرا