قسم لا فعل لنا فيه، كالسماء والكواكب، بل أعضاء أبداننا وأجزائها، وما هو حاصل بالفعل، والقسم الثاني ما خلق وجعلت فيه قوة لقبول كمال بعده، إذا وجد شرط التربية. وتربيته قد تتعلق بالاختيار، فإن النواة ليست بتفاح، ولا نخل، ولكنها قابلة بالقوة لأن تصير نخلاً بالتربية، وغير قابلة لأن تصير تفاحاً، وإنما تصير نخلاً إذا تعلق بها اختيار الآدمي في تربيتها. فلذلك لو أردنا أن نقلع بالكلية الغضب والشهوة من أنفسنا، ونحن في هذا العالم عجزنا عنه، ولكن لو أردنا قهرهما، واسلاسهما بالرياضة والمجاهدة قدرنا عليه. وقد أمرنا بهذا، وصار ذلك شرط سعادتنا ونجاتنا.
نعم الجبلات مختلفة، فبعضها سريعة القبول، وبعضها بطيئة القبول. ولاختلافهما سببان: أحدهما باعتبار التقدم في الوجود، فإن قوة الشهوة، وقوة الغضب، وقوة التفكر موجودة في الإنسان، وأصعبها تغييراً وأعصاها على الإنسان قوة الشهوة، فإنها أقدم القوى وجوداً وأشدها تشبثاً والتصاقاً، فإنها توجد معه في