لقد ظنّ بعض المائلين إلى البطالة أن الخُلق كالخَلق، فلا يقبل التغيير. والتفت إلى قوله عليه السلام: " فرغ الله من الخلق ". وظن أن المطمع في تغيير الخلق، طمع في تغيير خلق الله عز وجل، وذهل عن قوله عليه السلام: " حسّنوا أخلاقكم ". وإن ذلك لو لم يكن ممكناً، لما أمر به، ولو امتنع ذلك لبطلت الوصايا والمواعظ والترغيب والترهيب، فإن الأفعال نتائج الأخلاق، كما أن الهويّ إلى أسفل نتيجة الثقل الطبيعي، فلم يتوجه الملام إلى أحدهما دون الآخر. بل كيف ينكر تهذيب الإنسان مع استيلاء عقله، وتغيير خلق البهائم ممكن، إذ ينتقل الصيد من التوحش إلى التأنس، والكلب من الأكل إلى التأدب، والفرس من الجماح إلى السلاسة، وكل ذلك تغيير خلق؟ والقول الشافي فيه أن ما خلق الله سبحانه قسمان: