إن نعرف ذات الحج، لم يلزمنا ذكر الخف والمطهرة، وإن كان يحتاج إليهما في التوصل إليه. وإنما نميّز العلوم التي تبقى معلوماتها أبد الآبدين، لا تزول ولا تحول. ومثل ذلك لا يختلف باختلاف الإعصار والأمم، وذلك يرجع إلى العلم بالله وصفاته، وملائكته وكتبه ورسله، وملكوت السموات والأرض، وعجائب النفوس الإنسانية والحيوانية، من حيث أنها مرتبطة بقدرة الله عز وجل، لا من حيث ذواتها. فالمقصود الأقصى العلم بالله، وملائكة الله لا بد من معرفتهم، لأنهم واسطة بين الله وبين النبي. وكذا معرفة النبوة والنبي، لأن النبي واسطة بين الخلق والملائكة، كما أن الملك واسطة بين الله والنبي. وهكذا يتسلسل إلى آخر العلوم النظرية، وغايتها وأقصاها العلم بالله عز وجل. ولكن يتشعب القول فيه اشتعاباً كثيراً، إذ يدل بعضها على بعض. ولذلك يكثر التفصيل فيه.
القسم الثاني العلم العملي، وهو ثلاثة علوم: علم النفس بصفاتها وأخلاقها، وهو الرياضة ومجاهدة الهوى، وهو أكبر مقصود هذا الكتاب،