أحدهما أنه فضل العالم على العابد، والعابد هو الذي له العلم بالعبادة وإلا فهو عابد فاسق. والثاني: أن العلم بالعمل لا يكون أشرف من العمل لأن العلم العملي لا يراد لنفسه، وإنما يراد للعمل. وما يراد لغيره يستحيل أن يكون أشرف منه.
فإن قلت: العلوم أصنافها كثيرة، والأعمال وأنواعها مختلفة، وليس الكل مطلوباً، فما الصنف النافع حتى اشتغل به؟ فأقول: أما العلم فمنقسم إلى العملي والنظري. أما النظري فكثير، ولكن كل علم يتصور أن يختلف بالاعصار والبلدان والأمم، فلا يورث كمالاً يبقى في النفس أبد الدهر. ونحن نبتغي من العلم تبليغ النفس كمالها، لتسعد بكمالها، مبتهجة بما لها من البهاء والجمال أبد الدهر، فخرج عن هذا البيان العلم باللغات، وموجبات الألفاظ، كالعلم باللغة والإعراب والنحو والشعر والترسل وشرح الألفاظ وتفصيلها. فإن افتقر إلى شيء منها، فيطلب لا لنفسه، بل ليكون ذريعة للعلم المقصود. لكننا الآن في بيان العلم المقصود، فإنا