ومن العمل العلم العملي أعني ما يعرف به كيفيته. فإن العلم العملي ليس بأشرف من العمل، بل هو دونه، فإن مراد له دون العلم الذي يراد منه المعلوم، كالعلم بالله وملائكته وكتبه ورسله والعلم بالنفس وصفاتها. والعلم بملكوت السموات والأرض وغيره. فهذه العلوم نظرية، وليست بعملية وإن كان قد ينتفع بها في العمل، على سبيل العرض، لا على سبيل القصد، ولكون الصواب في العمل لأكثر الخلق استقصاء النبي صلى الله عليه وسلم، تفصيلاً وتأصيلاً، حتى علّم الخلق الاستنجاء وكيفيته، ولما آل الأمر إلى العلوم النظرية أجمل ولم يفصّل، ولم يذكر من صفات الله إلا أنه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. نعم بعد إجمال العلم، ذكر من تعظيمه وتشريفه وتقديمه على العمل ما لا يكاد يحصى كقوله: " تفكر ساعة خير من عبادة سنة " وكقوله: " فضل العالم على العابد، كفضل القمر ليلة البدر " إلى غير ذلك مما ورد فيه. ثم ذلك العلم المقدم على العمل لا يخلو أما أن يكون هو العلم بكيفية العمل وهو الفقه وعلم العبادات وأما أن يكون علماً سواه. وباطل أن يكون الأول هو المراد لوجهين: