والجلاء، فازداد حسن جانبهم بمزيد الصفاء، وظهر فيه ما سعى من تحصيله غيرهم. فقدّر كأن النفس محل نقش العلوم الآلهية، ولك في تحصيله طريقان: أحدهما تحصيل عين النقش، كطريق أهل الروم والثاني الاستعداد لقبول النقش من خارج. والخارج ههنا اللوح المحفوظ، ونفوس الملائكة، فإنها منقوشة بالعلوم الحقيقية نقشاً بالفعل على الدوام، كما أن دماغك منقوش بالقرآن كله، إن كنت حافظاً له، وكذلك جملة علومك، لا نقشاً يحسّ ويبصر، ولكن نوعاً من الانتقاش عقلياً، ينكره من اقتصرت به خساسة نفسه على المحسوسات ولم يترقّ عنها.
فإن قلت: فقد مهّدت للسعادة طريقين متباينين، فأيهما أولى عندك؟ فاعلم أن الحكم في مثل هذه الأمور بحسب الاجتهاد الذي يقتضيه حال المجتهد، ومقامه الذي هو فيه. والحق الذي يلوح لي، والعلم عند الله فيه، إن الحكم بالنفي أو الإثبات في هذا على الإطلاق خطأ، بل يختلف بالإضافة إلى الأشخاص والأحوال.