القواعد راسخ الأساس سليم المبادئ صحيح النتائج متفقاً مع الأعراف الصحيحة والعادات الحسنة والأخلاق الكريمة، يهدف إلى الإصلاح لا الهدم، ويدعو إلى السمو وينأى بجانبه عن الركود والقعود.
ولقد كان هذا الفقه وليداً لقيام الدولة الإسلامية وظهور دينها، منه استمدت أصوله وأحكامه، وبقدر حاجتها تعددت فروعه وامتدت أغصانه، فكان في عهده الأول على قدر الحاجة إليه حلولاً لما حدث من مسائل وما اشتجر من خلاف وما وجد من نزاع في تلك البيئة القصيرة المدى المحدودة الرقعة المتقاربة الأركان البدوية الحياة الخشنة العيش المتجانسة الميول والعادات، حتى إذا نعم عيشها ونما ثراؤها واتسعت أطرافها وامتدت حدودها فشملت أقطاراً وضمت أُمماً ودولاً تختلف في عاداتها وتقاليدها ومعيشتها وأناظيمها (?) وأقاليمها وأجوائها، نما الفقه الإسلامي بنمائها واتسع بإتساعها وامتدت فروعه بإمتداد حدودها وآتى أُكله وبدأت حلوله تقوم على أُصول تدرس وترتد إلى قواعد تبحث ومبادئ تؤسس وعندئذ تم للفقه الإسلامي نموه واكتمل له ازدهاره فتنوعت بحوثه وتفرعت مسائله
واتسعت جوانبه وامتدت حدوده وتعددت فروعه.
كان الفقه الإسلامي أول ما وجد عبارة عن طائفة من الأحكام والفتاوي التي صدرت من الرسول صلوات الله وسلامه عليه فيما عرض عليه من خلاف وما استفتي فيه من مسائل لا يتجاوزها إلى غيرها وكان فيها حاجات الناس يومئذ وكان وجوده بينهم كفيلاً بتكميل أي نقص وسد أية حاجة، فإذا حدث ما لم يكن قد رفع إليه فزعوا إليه فقضى بينهم فأسلموا لقضائه ولم يكن لهم فيه خيرة ولا عنه محيد.
ثم انضم إلى هذه الطائفة بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - ما استنبطه أصحابه من أحكام وفتاوي لما استجد من الحوادث وما نزل بهم من وقائع مما لم يحدث ولم ينزل بهم في زمنه - صلى الله عليه وسلم - مسترشدين بأحكامه وفتاويه التي حفظوها عنه مستهدين بهديه حين كان يشرع لهم ويقضي بينهم ويجتهد لهم.
وكانت هذه الطائفة من الأحكام تمتاز عن الأولى بالكثرة وتعدد الآراء ووجود الخلاف وكان أصحابها يعملون بها بظن أنها توافق حكم الله وإن احتملت أن تكون