بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تقْديم (?)
للأستاذ الجليل
الشيخ/ عَلي الخَفيف
أُستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق
بجامعة القاهرة
ووكيل تلك الكلية سابقاً
من خير ما يقدم المرء لأمته أن ينشر بعض ما طواه الزمن من تراث علمي كان فيما مضى ركناً من أركان نهضتها، ومظهراً من مظاهر عزتها وحضارتها، وثمرة يانعة من ثمار حياتها وثقافتها.
وخير ما يحييه ويبعثه من ذلك ما كان متصلاً بحياتها الإجتماعية وروابطها الإقتصادية والسياسية، يقوم عليه أمنها وتطيب به حياتها وذلك هو الفقه.
ولقد كان الفقه الإسلامي من أهم الأُسس والعوامل التي ساهمت في بناء الأمة الإسلامية وتكوين حضارتها واتساع عمرانها وامتداد سلطانها وانضواء الشعوب المختلفة تحت لوائها، لأنه فقه يقوم على العدالة ويشرع الحقوق ويصونها ويكفل الحرية ويلائم الفطر السليمة ويزيل الفوارق ويقضي على الطبقات ويساير التطور ويمسك بالأصول والقواعد العادلة، لا تسيطر عليه شهوات الأفراد ولا أطماع الأحزاب والجماعات ولا يخضع لهوى الأمراء والرؤساء، ذلك بأنه مستمد من شرع لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، وإرشاد من رسول أمين لا ينطق عن الهوى، ولا يحيد عن الحق، فجاء أول ما جاء ثابت