الحمد لله الكريم المنان، واسع العطاء جزيل الإحسان. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القائم بأرزاق خلقه من حيوان وإنس وجان. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله كان إذ حزبه أمر فزع إلى الصلاة، وإذا أجدبت الأرض رفع يديه إلى السماء، فما تتخلف إجابة ذلك الدعاء. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه البررة نجوم الدجا.
أما بعد: فيا عباد الله: من آيات الله «السحاب» المسخر بين السماء والأرض كيف ترونه يجتمع في جو صاف لا كدرة فيه، وكيف يخلقه الله متى شاء وإذا شاء، وهو مع لينه ورخاوته حامل للماء الثقيل بين السماء والأرض إلى أن يأذن له ربه وخالقه في إرسال ما معه من الماء. روى الترمذي وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - جالس في أصحابه إذ أتى عليهم سحاب، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «هل تردون ما هذه؟» قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «هذا العنان، هذه روايا الأرض- أي الحاملة للماء- يسوقها الله إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه» يعني لسعة رحمته وحلمه سبحانه يسقي به من يطيعه ومن يعصيه. وكان الحسن البصري رحمه الله إذا رأى السحاب قال: في هذه والله رزقكم، ولكنكم تحرمونه بخطاياكم وذنوبكم. وقال الله تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: 22] فالرزق المطر، وما توعدون به الجنة، وكلاهما في السماء.