ولما كانت الرياح تجول في الأرض وتدخل في تجاويفها وتحدث فيها الأبخرة وتختنق الرياح ويتعذر عليها المنفذ أذن الله سبحانه لها في الأحيان بالتنفس فتحدث لها الزلازل العظام، فيحدث من ذلك لعباده الخوف والخشية والإنابة، والإقلاع عن معاصيه، والتضرع إليه، والندم؛ كما قال بعض السلف- وقد زلزلت الأرض- إن ربكم يستعتبكم. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: وقد زلزلت المدينة فخطبهم ووعظهم وقال: لئن عادت لا أساكنكم فيها.
فاتقوا الله عباد الله واعتبروا بخلق الهواء والرياح وما جعل الله فيها من المنافع لعباده، وما جعل فيها من العذاب. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {وَمِنْ آَيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ * إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ * أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 32- 34] بارك الله.
الخطبة الثانية
الحمد لله ...
أما بعد: فتأملوا عباد الله الحكمة البديعة في تيسيره سبحانه على عباده ما هم أحوج إليه وتوسيعه وبذله- فكلما كانوا أحوج إليه كان أكثر وأوسع، وكلما استغنوا عنه كان أقل، وإذا توسطت الحاجة توسط وجوده. واعتبروا هذا بالأصول الأربعة: التراب، والماء، والهواء، والنار. تأملوا سعة ما خلق الله منها وكثرته.
تأملوا سعة الهواء وعمومه ووجوده بكل مكان؛ لأن الحيوان مخلوق في البر لا يمكنه الحياة إلا به فهو معه أينما كان وحيث