آيات الله في الأرض
الحمد لله الذي نصب الكائنات على وحدانيته دليلا، رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له حث على التفكر في آياته المسموعة وعلى التفكر في آياته المشهودة. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله إمام المتفكرين، وقدوة العاملين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه صلاة دائمة إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا عباد الله أكثر الله تعالى في كتابه الكريم من ذكر (الأرض) ودعا عباده إلى النظر فيها والتفكر في خلقها- والنظر هو التفات القلب إلى المنظور فيه- فقال سبحانه {وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ} [الذّاريَات: 20] .
فآيات الأرض أنواع كثيرة جدًا. منها: خلقها وحدوثها بعد عدمها، وشواهد الحدوث والافتقار إلى الصانع عليها لا تجحد؛ فإنها شواهد قائمة بها. ومنها: بروز هذا الجانب من الأرض فيها عن الماء مع كون مقتضى الطبيعة أن يكون مغمورًا به. ومنها: سعتها وكبر خلقها. ومنها: تسطيحها، كما قال تعالى {وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} [الغَاشِيَة: 20] . ولا ينافي ذلك كونها كروية فهي كرة في الحقيقة لها سطح يستقر عليه الحيوان. ومنها أنه جعلها فراشًا لتكون مقرًا للحيوان ومساكنه.