وجعلها مهادًا ذلولاً توطأ بالأقدام، وتضرب بالمعاول والفؤوس، وتحمل على ظهرها الأبنية الثقال فهي ذلول مسخرة لما يريد العبد منها. وجعلها بساطًا. وجعلها كفاتا للأحياء تضمهم على ظهرها، وللأموات تضمهم في بطنها. وطحاها فمدها وبسطها ووسعها. ودحاها فهيئها لما يراد منها بأن أخرج منها ماءها ومراعاها وشق فيها الأنهار وجعل فيها السبل والفجاج.
ونبه بجعلها مهادًا وفراشًا على حكمته في جعلها ساكنة واقفة، وذلك آية أخرى، إذ لا دعامة تحتها تمسكها، ولا علاقة فوقها، ولكنها لما كانت على وجه الماء كانت تكفأ كما تكفأ السفينة فاقتضت العناية الأزلية والحكمة الإلهية أن وضع عليها رواسي يثبتها بها لئلا تميد وليستقر عليها الأنام والحيوان والنبات والأمتعة، وتمكين الحيوان والناس من السعي عليها في مآربهم، والجلوس لراحاتهم والنوم لهدوئهم، والتمكن من أعمالهم (?) .