هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 23- 25] بارك الله ...
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، قيوم السموات والأرضين، الموصوف بالكمال كله، المنزه عن كل عيب ونقص، وعن كل شبيه أو مثيل في كماله. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وفق من شاء من عباده نعمة منه وفضلا، وخذل من أعرض عنه. حكمة وعدلا. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المصطفى، المصدق بالآيات التي لا تحصى، صلى الله عليه وعلى آله وجميع أصحابه، ومن سار على نهجهم واقتفى.
أما بعد: فإن الله جل وعلا نَوَّع طرق الهداية رحمة منه بعباده ولطفًا بهم لتفاوت عقولهم وأذهانهم وبصائرهم فمنهم من يهتدي بنفس ما جاء به الرسول ودعا إليه من غير أن يَطْلُبَ منه برهانًا خارجًا عن ذلك كحال الكمّل من الصحابة كالصديق رضي الله عنه، ومنهم من يهتدي بمعرفته بحاله - صلى الله عليه وسلم - وما فطر عليه من كمال الأخلاق والأوصاف والأفعال، وأن عادة الله أن لا يخزي من قامت به تلك الأوصاف والأفعال، كما قالت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها له - صلى الله عليه وسلم -: أبشر فوالله لن يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق. وهذه المقامات في الإيمان عجز عنها أكثر الخلق فاحتاجوا إلى الآيات وخوارق العادات. وأضعف الناس إيمانًا من كان إيمانه