في عمره، ولا أكل في الصوم ما يأكلونه، ولا حرم فيه ما يحرمونه، ولا عطل السبت، ولا اتخذ الأحد عيدًا. والمسيح سار في الذبائح والمناكح والطلاق والمواريث والحدود بسيرة الأنبياء قبله. والمسيح لم يفوض الأساقفة والبطاركة في التشريع. وكان أصحاب المسيح بعده على نهجه قريبًا من ثلاثمائة سنة، وهم الذين أثنى الله عليهم في القرآن وعلى البقايا الصالحة منهم. ثم أخذوا في التغيير والتبديل والتقريب إلى الناس بما يهوون، ومكايدة اليهود ومناقضتهم بما فيه ترك دين المسيح والانسلاخ منه جملة. فهذا دين النصارى بعد البعثة وإلى اليوم باطله أضعاف أضعاف حقه، وحقه منسوخ.
وأما من لا كتاب له فهو بين عابد أوثان، وعابد نيران، وعابد شيطان، وصابئي حيران -يجمعهم الشرك وتكذيب الرسل وتعطيل الشرائع وإنكار المعاد وحشر الأجساد، لا يدينون للخالق بدين، ولا يعبدونه مع العابدين، ولا يوحدونه مع الموحدين. وأمة المجوس منهم تفترش الأمهات والبنات والأخوات، والعمات والخالات، دينهم الزمر، وطعامهم الميتة، وشرابهم الخمر، ومعبودهم النار، ووليهم الشيطان.
الخلاصة: يا عباد الله أن الله لما بعث محمدًا - صلى الله عليه وسلم - رسولاً إلى أهل الأرض كانوا «خمسة أصناف» يهود، ونصارى، ومجوس، وصابئة، ومشركون، ودين الحنفاء لا يعرف فيهم إلا قليلاً. وهذه الأديان الخمسة كلها للشيطان. وهذه الأديان الخمسة مذكورة في آية الفصل {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [الحَجّ: 17] ولكل قوم وارث.