التصديق بها؛ إذ نسبوا الإله الحق إلى ما يأنف أسقط الناس وأقلهم عقلاً أن يفعله بمملوكه أو خادمه، تعالى الله عن قولهم علوًا كبيرًا. وآدم - عليه السلام - تاب من الذنب فتاب الله عليه. وإبليس أحقر مما نسبوه إليه.
وأول من ابتدع لهم شارة الصليب الملك قسطنطين، وفي زمنه وضعوا ما يسمونه (الأمانة) وهي عقيدة التثليث عن عدي بن حاتم قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي عنقي صليب من ذهب، فقال: «يا عدي اطرح عنك هذا الوثن» .
ولما كانت هذه أقوال أعداء المسيح من اليهود والغالين فيه من النصارى أنزل الله تبارك وتعالى على نبيه - صلى الله عليه وسلم - ما أزال الشبهة في أمره، وكشف الغمة، وبرأ المسيح وأمه، ونزه رب العالمين عما افتراه عليه عباد الصليب -فآمن محمد بأخيه المسيح، وشهد له بأنه عبد الله ورسوله، وأن جسمه خلق من أنثى بلا ذكر، وأن الله أرسل روحه جبريل إلى مريم فنفخ في جيب درعها -وهو الطوق الذي في العنق- فوصلت النفخة إلى الرحم، ولم يكشف بدنها، وكانت تلك النفخة بمنزلة لقاح الأب والأم، فحملت به مريم العذراء الطاهرة الصديقة، ثم نفخت فيه الروح التي تكون بعد مضي أربعة أشهر على خلق البدن كغيره. وقرر النبي معجزات المسيح وآياته، وأخبر بكفر النصارى وتخليدهم في النار إن لم يتوبوا ويستغفروا ربهم، وأن الله أكرم عبده ورسوله أن ينال إخوان القردة منه ما زعمه النصارى أنهم نالوه منه، بل رفعه إليه وأسكنه السماء، وسيعيده إلى الأرض ينتقم به من مسيح الضلال وأتباعه، ويكسر به الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويعلو به الإسلام.