الرجيم {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزُّمَر: 67] .
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا كثيرًا على نعمائه، وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارًا بإلهيته، واعترافًا بما يجب على الخلق من الأذعان لربوبيته. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وخليله أكرم الخلق وأزكاهم، وأعرفهم بالله وأتقاهم، صلوات الله وسلامه عليه وعلى إخوانه النبيين، والصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا عباد الله قد ذم الله من لم يقدره حق قدره في ثلاثة مواضع من كتابه فأخبر أنه لم يقدره حق قدره من أنكر إرساله للرسل وإنزال كتبه عليهم، ولم يقدره حق قدره من عبد معه إلهًا آخر، ولم يقدره حق قدره من جحد صفات كماله ونعوت جلاله.
والإيمان به سبحانه لا يتم إلا بتعظيمه، ولا يتم تعظيمه إلا بتعظيم أمره ونهيه فعلى قدر تعظيم العبد لله سبحانه يكون تعظيمه لأمره ونهيه، وتعظيم الأمر يدل على تعظيم الآمر. وأول مراتب تعظيم الآمر التصديق به، ثم العزم الجازم على امتثاله، ثم المسارعة إليه والمبادرة إليه رغم القواطع والموانع، ثم بذل الجُهْدِ والنصح في الإتيان به على أكمل الوجوه، ثم فعله لكونه مأمورًا به سواء ظهرت