له حكمته أو لم تظهر. فإن ورد الشرع بذكر حكمة الأمر أو فقهها العقل كانت زيادة في البصيرة والداعية إلى الامتثال وإن لم تظهر له حكمته لم يوهن ذلك انقياده ولم يقدح في امتثاله.
ولا يغتر المسلم بمن حذق في العلوم الصناعية والرياضية، واستنبطوا بعقولهم وجودة قرائحهم وصحة أفكارهم ما عجز أكثر الناس عن تعلمه واستنباطه، فَيَظُنُّ أن معرفتهم بالعلوم الإلهية والمعارف الربانية كمعرفتهم بهذه العلوم الصناعية والرياضية، فهذا الظن أو هذه البلية جرأت كثيرًا من النفوس على تكذيب الرسل واستجهالهم. وما عرف أصحاب هذه الشبهة أن الله سبحانه قد يعطي أجهل الناس به وبأسمائه وصفاته من الحذق في العلوم الرياضية والصنائع العجيبة ما تعجز عنه عقول أكثر الناس ومعارفهم، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنتم أعلم بأمور دنياكم» وقال بعض السلف: يبلغ من علم أحدهم بالدنيا أنه ينقر الدرهم بظفره فيعلم وزنه ولا علم له بشيء من دينه. وقال تعالى في علوم هؤلاء واغترارهم بها {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} (?) [غافر: 83] إن أحسن الحديث ...