النوم يأخذ مضجعه حتى ينشق الجر فيقوم إلى صلاته ووظيفته. فإذا جاء الصوم الواجب قام بحقه. وكذلك الزكاة الواجبة، والحج الواجب. وكذلك المعاملة مع الخلق يقوم فيها بالقسط لا يظلمهم، ولا يترك حقه لهم. هذه حال المقتصد.
وأما «السابقون بالخيرات» فهم نوعان: أبرار، ومقربون. أما «الأبرار» : فقطعوا مراحل سفرهم بالاهتمام بإقامة أمر الله، وعقد القلب على ترك مخالفته ومعاصيه؛ فهممهم مصروفة إلى القيام بالأعمال الصالحة، واجتناب الأعمال القبيحة فأول ما يستيقظ أحدهم من منامه يسبق إلى قلبه القيام إلى الوضوء التام والصلاة كما أمره الله في أول وقتها فإذا أدى فرض وقته اشتغل بالتلاوة والأذكار إلى حين تطلع الشمس، فيركع الضحى. ثم يذهب إلى ما أقامه الله فيه من الأسباب، فإذا حضر فرض الظهر بادر إلى التطهر والسعي إلى الصف الأول من المسجد عن يمين الإمام أو خلف ظهره فأدى فريضته كما أمر، مكملاً لها بشرائطها، وأركانها، وسننها، وحقائقها الباطنة من الخشوع والمراقبة والحضور بين يدي الرب، فينصرف من الصلاة وقد أثرت في قلبه وبدنه وسائر أحواله آثارًا تبدو على صفحاته ولسانه وجوارحه، ويجد ثمرتها في قلبه من الإنابة على دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، وقلة التكالب والحرص على الدنيا وعاجلها، قد نهته صلاته عن الفحشاء والمنكر، وحببت إليه لقاء الله، ونفرته عن كل قاطع يقطعه عن الله، وهو مع ذلك مراع لحفظ السنن لا يخل منها بشيء؛ ويأتي بعد الفريضة بالأذكار المشروعة من التسبيح والتحميد والتهليل ثلاثًا
وثلاثين، ويختم المائة بلا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله